كيف نستقبل شهر رمضان؟
إِنَّنَا بَيْنَ يَدَيْ مَوْسِمٍ مِنْ مَوَاسِمِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، اخْتَصَّهُ اللهُ بِمَا شَاءَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، فَأَنْزَلَ فِيهِ خَيْرَ كُتُبِهِ عَلَى أَفْضَلِ رُسُلِهِ.
فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ، وَسَنَّ لَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قِيَامَهُ؛ إِنَّهُ شَهْرٌ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجِنَانِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النِّيرَانِ، فِيهِ لَيْلَةٌ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
تَأَمَّلُوا وَتَذَكَّرُوا فَكَمْ مِنْ أَخٍ كَرِيمٍ وَقَرِيبٍ حَبِيبٍ كَانَ مَعَنَا فِي رَمَضَانَ الْمَاضِي يَصُومُ وَيَقُومُ، وَلَكِنَّهُ الآنَ حَبِيسُ التُّرَابِ، قَدْ فَارَقَ الأَهْلَ وَالأَصْحَابَ، فَمَنْ يَدْرِي هَلْ نَحْنُ نَبْلُغُ رَمَضَانَ أَمْ نُوَدِّعُ الدُّنْيَا كَمَا وَدَّعَهَا غَيْرُنَا؟
إِنَّهُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ رَمَضَانَ بِأُمُورٍ قَدْ جَاءَ بِهَا دِينُنَا وَعَمِلَ بِهَا سَلَفُنَا -عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ-.
ماهي الاعمال التي نستقبل بها رمضان؟
اولا: الدُّعَاءُ بِأَنْ يُبِلِّغَكَ اللهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَإِذَا بَلَغْتَ رَمَضَانَ وَرَأَيْتَ الْهِلَالَ فَتَقُولُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِذَا رَأَى الْهِلالَ: "اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ"
ثانيا: الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى بُلُوغِهِ، لِأَنَّهَا نِعْمَةٌ قَدْ تَجَدَّدَتْ لَكَ فَحَرِيٌّ بِكَ أَنْ تَشْكُرَ الْمُنْعِمَ الْمُتَفِضَّلَ لِيَزِيدَكَ وَيَحْفَظَهَا لَكَ، قَالَ اللهُ -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
ثالثا: الْفَرَحُ وَالابْتِهَاجُ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ بِمَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ فَيَقُولُ: "قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"
رابعا: عَقْدُ الْعَزْمِ الصَّادِقِ عَلَى اغْتِنَامِهِ وَعِمَارَةِ أَوْقَاتِهِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَمَنْ صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَسَّرَ لَهُ سُبُلَ الْخَيْرِ، قَالَ اللهُ -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)
فَأَضْمِرْ فِي نَفْسِكِ النِّيَّةَ الصَّادِقَةَ، وَالْعَزِيمَةَ الْمَاضِيَةَ لِاسْتِغْلَالِ رَمَضَانَ، ثُمَّ خَطَّطْ وَابْدَأْ مِنْ أَوِّلِ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ وَأَبْشِرْ بِالْخَيْرِ.
خامسا: تَفَقَّهْ وَتَعَلَّمْ أَحْكَامَ رَمَضَانَ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْوَاجِبِ، وَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَعِلْمٍ، فَلا يُعْذَرُ بِجَهْلِ الْفَرَائِضِ التِي فَرَضَهَا اللهُ عَلَى الْعِبَادِ، وَمِنْ ذَلِكَ صَوْمُ رَمَضَانَ فَيَنْبَغِي لَكَ أَخِي الْمُسْلِمَ أَنْ تَتَعَلَّمَ مَسَائِلَ الْصَّوْمِ وَأَحْكَامَهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ، لِيَكُونَ صَوْمُكَ صَحِيحَاً مَقْبُولاً عِنْدَ اللهِ - تعالى -، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"
سادسا: عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَقِبَلَهُ بِالْعَزْمِ عَلَى تَرْكِ الآثَامِ وَالسَّيِّئَاتِ وَالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ، وَالإِقْلَاعِ عَنْهَا وَعَدَمِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهَا، فَهُوَ شَهْرُ التَّوْبَةِ فَمَنْ لَمْ يَتُبْ فِيهِ فَمَتَى يَتُوبُ؟ قَالَ اللهُ -تعالى-: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَثِيرَ الاسْتِغْفَارِ فِي كُلِّ حِينٍ فَكَيْفَ بِرَمَضَانَ؟ عَنِ الأَغَرِّ بْنِ يَسَار الْمُزَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلى اللهِ واسْتَغْفِرُوهُ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ مئةَ مَرَّةٍ"
سابعا: الْحِرْصُ التَّامُ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالتَّبْكِيرِ لِلْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَأَدَاءِ حُقُوقِ الأَهْلِ، وَحُقُوقِ الْوَظِيفَةِ وَالْعَمَلِ، وَالإِكْثَارِ مِنَ نَوَافِلِ الصَّلَوَاتِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَأَكْثِرْ مِنْ خَتَمَاتِ الْقُرْآنِ مَا اسْتَطَعْتَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، وَمِنَ الْخَطَأِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَخْتِمَ القُرْآنَ مَرَّةً فِي أَوِّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِالْقُرْآنِ، وَهَذَا مِنَ الْحِرْمَانِ وَمِنْ تَثْبِيطِ الشَّيْطَانِ، فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَاخْتِمْ الْمَرَّةَ تِلْوَ الْمَرَّةِ.
وَيَنْبَغِي كَذَلِكَ التَّخْطِيطُ لِدَرْسِ تَفْسِيرٍ إِمَّا مَعَ الأَهْلِ وَالأَقَارِبِ أَوْ مَعَ بَعْضِ الأَصْحَابِ، فَتَقْرَؤُونَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ سِعْدِيِّ - رحمه الله - أَوْ غَيْرِهِ مِنَ التَّفَاسِيرِ الْمَوْثُوقَةِ، وَلَوْ عَشْرِ آيَاتٍ كُلَّ لَيْلَةٍ.
ثامنا:وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعِدَّ لَهُ طَلَبَةُ الْعِلْمِ خَاصَّةً: الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مُتَعَطَّشَةٌ وَالنُّفُوسَ مُقْبِلَةٌ، فَذَكِّرِ النَّاسَ بِاللهِ وَذَكِّرْهُمْ بِفَضَائِلِ الصِّيَامِ وَعَلِّمْهُمْ الأَحْكَامَ، وَأَبْشِرْ: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
هذا مايجب علينا ان نعمله في استقبال شهر رمضان الكريم والله ولي التوفيق والنجاح
ونعم بك اخي ابراهيم كلام رائع وممتاز جدا احسن الله اليك وكتب الله اجرك
ردحذف