{ فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين}
إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد من قبل الله تعالى وقال ياأهل الجنة إن لكم موعدا مع الله تعالى فيقول أهل الجنة وماهو ياربنا ألم تبيض وجوهنا ألم تغفر ذنوبنا ألم تثقل موازيننا ألم تدخلنا الجنة ألم تنجنا من النار فماهو الموعد ياربنا فتكشف الحجب بينهم وبين الله جل جلاله فليس ثمة شيء أحب إليهم من النظر إلى وجه الله تعالى
( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)
في ذلك الحال وذلك الموقف الرهيب وقد خرج الناس جميعا من قبورهم الابصار شاخصة الزاحم شديد والكرب عظيم الكل مشغول بنفسه الخلق جميعا بما فيهم الانبياء والمرسلون يأتي الناس إلى أبي البشر آدم ليشفع لهم فيعتذر فيأتون إلى نوح فيعتذر فيمرون بالخليل إبراهيم فيعتذر فيلجئون إلى موسى الكليم والكل يعتذر وكل منهم يقول نفسي نفسي وجواب كل نبي من الانبياء في ذلك اليوم ( إن ربي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله)
في ذلك الموقف العصيب الرهيب والكل خائف مضطرب ينتظر الفصل بين العباد وماذا سيحكم الله بين عباده وبعدما غضب الجبار جل جلاله غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله
سجدة صادقة خاشعة يخر بها سيد الأنبياء وإمام المرسلين صاحب الحوض والشفاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليطفئ بتلك السجدة غضب الجبار جل جلاله وينادى على نبينا محمد ( ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع)
بسجدة بين يدي الله يتحول الغضب رضا بسجدة بين يدي الله تزال الهموم والغموم بل وتنزاح المصائب والكروب بل وتنشرح الصدور وتصلح الأحوال والأمور كيف لا والله جل جلاله ينادي نبيه فيقول ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بمايقولون ..
فضائل { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين }
يامن ضاق صدره وكثر همه وغمه فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين
يامن نزلت به المصائب والمدلهمات والنوازل والأزمات فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين
يامن حل به الكرب وأزعجه المرض فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين
يامن يريد أن يفرج الله كربه ويزيل همه وغمه ويشفي مرضه ويدفع عنه ظلم الظالمين وييسر أمره فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين
اخضع بين يدي الله بسجدة صادقة ودعوة خالصة يزيل الله همك ويقضي عنك دينك ويفرج عنك كربك وكيف لا وأقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد
روى الامام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء)
ومن أراد مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وياله من شرف ويالها من منزلة عظيمة من أراد ذلك فليكثر من السجود بين يدي الكريم الودود
ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث ربيعة بن كعب الاسلمي رضي الله عنه قال كنت عند رسول الله آتيه بماء الوضوء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ياربيعة سل فقال يارسول الله أسألك مرافقتك في الجنة فقال له النبي أو غير ذلك قال هو ذاك يارسول الله فقال له الحبيب المصطفى أعني على نفسك بكثرة السجود)
لما أخذ نبي الله يوسف من بين يدي أبيه وتنقل به بين التجار يباع ويشترى وأصبح غلاما لعزيز مصر لكنه ماقطع صلته بربه ومولاه وماترك منهجه الذي نشأ عليه بل عزز صلته بربه واستمد قوته من خالقه ومولاه فما تذلل الا له ولا لجأ إلا إليه ولا توكل إلا عليه فأصبح بعد ذلك عزيز مصر حتى قالت امرأة العزيز في بعض التفاسير (سبحان من أعز الذليل بطاعته وأذل الملوك بمعصيته )
ولقد وقف سحرة فرعون يقولون بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ..
في بداية الأمر ألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بكل كبر بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون وطلبوا من فرعون جزاء صنيعهم قائلين (أئن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين)
أرادوا الاموال والجاه والدنيا
وبعدما عرفوا الحق وآمنوا به واستمدوا العزة من الملك العزيز جل جلاله خروا جميعا سجدا لله ماخافوا من فرعون ومن وعده ووعيده توعدهم بالقتل والصلب والتنكيل وهم ثابتون بكل عزة وإباء جباههم في الثرى وهاماتهم في الثريا
ولسان حالهم كما قال الله ( لن نؤثرك على ماجاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ماأنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا)
وإن توعدهم بالقتل والتنكيل والتعذيب فلاخوف ولا ذل ولا انكسار بل وإن توعدهم بالمال والدنيا والجاه والسلطان والمكانة والمنصب فلا ذل ولا خشوع ولا خضوع إلا لله كانوا في بداية اليوم مجرمين كفره وفي نهايته مؤمنين بررة بعدما آمنوا بربهم وخروا سجدا بين يدي مليكهم راجين منه القبول والرضا والعزة و المغفرة فإليه قد لجئوا وماسواه تركوا وجحدوا لسان حالهم وحال أمثالهم
مالي وما للأغنياء وأنت
يارب الغني ولايحد غناكا
مالي وما للأقوياء وأنت
ياربي ورب الناس ماأقواكا
مالي وأبواب الملوك وأنت
من خلق الملوك وقسم الأملاكا
إني أويت بكل مأوى في الحياة
فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاةفلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهدا
فوجدت هذا السر في تقواكا
أدعوك ياربي لتغفر حوبتي
وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي
ماخاب يوما من دعا ورجاكا
وكيف يكون للساجدين الخاشعين المخبتين هذا الجزاء العظيم ونحن بعيدين عن تعاليم ديننا وكتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم
فلنكن من الساجدين ولنكثر من السجود بين يدي الله ولنقر له بالذل والضعف ولنرفع اليه حوائجنا حتى لا يأتي يوم على الواحد منا يتمنى لو سجد لله وخر بين يديه ولا يستطيع
{يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون}
هذا وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله و صحبه وسلم
تعليقات: (0) إضافة تعليق