القائمة الرئيسية

الصفحات

خطبة التقوى وهل أنت ممن يتقون الله أم ممن يتقون الناس؟

 خطبة التقوى وهل أنت ممن يتقون الله أم ممن يتقون الناس؟ 


الحمد لله القائل : { فلا تخشوُا الناس واخشونِ } والقائل : { فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين } والقائل : { أتخشونهم  فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } .


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له ، شهادة أبدية سرمدية ندخرها إلى يوم أن نلقاه ، شهادةَ عبدٍ قَلَّتْ حيلتُه ، ورحمتك ورجاؤك وكرمك يا رب هو وسيلتُه ، وأنت لها يا الله ولكل كرب وهولٍ عظيم .

‏إنَّ الملوكَ على أبوابهم حـرسٌ        ورُبما كــــــــانَ للأبوابِ أقفـالُ

واللهُ رُغمَ عظيـــمِ المُلكِ إنَّ لهُ        باباً وتدخلـــــــــهُ للعبدِ آمـــــالُ

يدنو إليكَ بليلٍ فيــــــــــهِ تسألهُ       والناسُ ناموا، وحُزنٌ فيكَ يَغتَالُ

فاسكُبْ دُموعكَ إنَّ اللهَ يُبصرُها      واسألهُ ما شئتَ إنَّ اللهَ فعّــــــالُ



وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا وشفيعنا وقدوتنا وأسوتنا محمداً رسولُ الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين ، القائل صلوات الله وسلامه عليه في ما يرويه الإمام الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مُؤْنةَ الناس ، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكَلَهُ الله إلى الناس )) .


                     بمدح محمدٍ يصفو فؤادي         وتنشرح الصدور بذكر طهَ

حبيب اللهِ خيرُ الخلقِ طــرا       وأعظم مَن بنسبته يُبــــاهى

تربَّى في الصٍّبا في خير بيت        ومكة قد تربَّى في رُباها

هو النور الذي مــــلأ البرايا        ومَـن للجاهلية قــــد أباها


اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمدٍ رسولِ الله صلاةً وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين .

وصيتي لنفسي وإياكم بتقوى الله ، فاتقوا الله وخافوه وراقبوه ولنعلم جميعا علم يقين أننا جميعا ومن دون استثناء يوما ما بين يدَي ربنا موقوفون ، وعلى أعمالنا محاسبون ، وعلى تفريطنا نادمون ، وعلى تقصيرنا نادمون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

اللهم ارفع حجاب الغفلة عن قلوبنا ، وارفع الشرود من أذهاننا ، وارفع السَّأَم والملل والضجر من نفوسنا ، وارفع النعاس وقت الخطبة من أعيننا ، واجعلنا جميعا مع الذكرى ممن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد .


أما بعد :

فسنقف في هذا اليوم المبارك مع موضوع من أهم المواضيع في دين الله عز وجل وهو التقوى ونقاط خطبة هذا اليوم هي :


أولا : ما معنى التقوى ؟

ثانيا: التقوى أهم من أكلك وشرابك وأهم من كل شيء يهمك .

ثالثاً : فحص لنوع التقوى الذي عندنا ، هل هو تقوى لله أم هو تقوى لخلق الله ؟ 



 أولاً : - ما معنى التقوى ؟ 


تعريفات التقوى كثيرة في كتب العلم ، وسنختصر منها ما يجعلنا نعرف التقوى بحيث نتخذ من التقوى سلوكا في حياتنا وليس مجرد تعريفات للحفظ العقلي .


 فمعنى التقوى اللُّغوي : مشتقة من الوقاية ، فسيكون معناها بذلك : هو أن تجعل بينك وبين الشيء الذي يغضب الله وقاية ، وهذا معنى : { اتقوا الله } .


ومعنى : { واتقوا النار } أي : اتركوا الشيء الذي يسبب لكم دخول النار .


 ومعنى : { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } أي : اتركوا المخالفة التي ستُوَرِّطُكم يوم القيامة .


فإذا تركت ما يغضب الله فأنت من المتقين لِله جل وعلا .


وإذا تركت الفعل الذي سيؤدي بك إلى نار جهنم فأنت من المتقين لِلنار .


وإذا تركت الفعل الذي سيُوَرِّطك يوم القيامة فأنت من المتقين لِيوم القيامة .

فالتقوى يعود معناها على الترك والاجتناب ، فترْك الذنوب والتقصير والمخالفات هو التقوى ، يُلحظ هذا في قول الله تعالى في سورة النحل : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } النحل 128، فالتقوى في الآية غير الإحسان ؛ لأن ما قبل الواو لا يمكن أن يكون هو نفسه ما بعد الواو لقاعدة العطف التي تحكم بأن المعطوف والمعطوف عليه يكونان متغايرين ، أي : الأول غير الثاني ، وبهذا يكون المعنى :إن الله مع الذين اتقوا ، أي الذي اتقوا وتجنَّبوا المعاصي والمخالفات ، والذين هم محسنون ، أي : محسنون في فعل الطاعات .


فتقوى الله – باختصار - معناها اجتناب وتَوَقِّي وتَرْك ما يغضب الله خوفا من الله ،لا خوفاً من خلقه .




 ثانياً : - أهمية التقوى : 



البعض ينظر إلى التقوى كقضية عادية ، فهم يعتبرونها مزاجاً كانوا من المتقين أو ليسوا من المتقين ، فعندهم شيء عادي ، وهذه مشكلة تتعلق بالاعتقاد بأهمية كثير من الأعمال التي نتساهل فيها كثيرا .

فإذا كانت نَظْرَتُنَا للتقوى بأنها شيء عادي فهذه مشكلتنا نحن ، أما عند الله فالتقوى ليست أمراً عاديا  .

بل التقوى ضرورة من أهم الضرورات لبقاء حياة الروح ، وضرورة من أجل رضا الله ، وضرورة من أجل الحصول على النعيم المقيم في جناتٍ عرضها السموات .


 فمهما عملت من طاعات فلن يتقبلها الله منك إلا إذا كنت من المتقين

 لقوله تعالى :{ إنما يتقبل الله من المتقين } المائدة 27 .


 ولن يكون الله معك إلا إذا كنت من المتقين

 لقوله تعالى :{ واعلموا أن الله مع المتقين } البقرة 194 .


 ولن يحبك الله إلا إذا كنت من المتقين

 لقوله تعالى : { إن الله يحب المتقين } التوبة 7 .


 ولن يكون الله وليَّك إلا إذا كنت من المتقين

 كما يقول تعالى : { والله وليُّ المتقين } الجاثية 19 .


 وتفريجُ الله عليك ، ورزقُه لك رزقا حلالاً مباركاً فيه  ، وتيسيرُ أمورك ، وتكفير سيئاتك ،وإكثار أجرك عند الله  مشروط بوجود التقوى فيك

 لقول الله حول ذلك في سورة التحريم في عدة مواضع منها : { ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } { ومن يتقِ الله يجعل له من أمره يسرا } { ومن يتقِ الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا } .


 ولن تنجوَ من أهوال يوم القيامة وأحزانها ومساوئها إلا إذا كنت من المتقين

 { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين * وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون } الزمر آية 60 و 61 .


 ولن تنجوَ من نار جهنم إلا إذا كنت من المتقين لقول الله تعالى : { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا } مريم 71 .


 ولن تدخل الجنة إلا إذا كنت من المتقين { تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا } .


 والتقوى أهم وصية أوصى الله بها كل الأمم منذ الأنبياءِ السابقين حتى سيدِنا ونبينا محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أنِ اتقوا الله } النساء 131 .


 والتقوى ركن من أركان الخطبتين في الجمعة كما هو مقرر في كتب الفقه الشافعية ،

 فمهما كانت خطبة الخطيب بليغة ولكنه ترك الوصية بالتقوى في الخطبة الأولى والخطبة الثانية كذلك فينزل ويصلي ظهرا لأنه أخل بركن من أركان الخطبة ، وإن كانت هناك آراء تُجَوِّز خطبة الجمعة حتى من دون ذلك لكن عبادة الله تحتاج احتياطا فينبغي للخطيب أن لا يتساهل في الوصية بالتقوى في الخطبتين وكذا غيرها من الأركان كما هو مقرر في أماكنه من كتب الفقه .




 ثالثاً : - فحص لنوع التقوى الذي عندنا ، هل هو تقوى لِله أم أنه تقوى لِخلق الله . 


لو فحصنا نوع التقوى الذي عندنا لوجدنا تقوى من نوع مختلف غير التي يريدها الله منا .


وللنظر إلى واقعنا وواقع الكثيرين إلا من رحم ربك .

فنحن عندما نترك الانحرافات ، هل نتركها خوفا من الله ، أم خوفا من الفضيحة ؟ 



 فلماذا قد تجد من لا يصلي وبنفس الوقت يأمر أهله بالعفاف والحجاب ؟


 هل خوفا من الله ،  أم خوفا من الافتضاح بين الناس ، وخوفا على سمعة أهله بين الناس ؟


 لماذا يخاف الكثيرون من قتل النفس التي حرم الله ؟ 


هل خوفا من قول الله عز وجل : { ومن يقتلْ مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنمُ خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولَعَنَهُ وأعَدَّ له عذابا عظيما } ؟

أم أنهم يتركون القتل خوفا من قصاص أسرة المقتول ، أو خوفا من التشرد والبعد عن بلاده وهو هارب من أسرة المقتول ، أم لأنه ليس لديه القوة المحامية له ، ولو كان لديه لَقتَل ولا يبالي ؟

ما نوع الخوف الذي جعل الكثيرين يترك القتل ؟ 

في القرآن الكريم ذكر الله قصة هابيل وأخاه قابيل ، فقد قال الله عن هابيل وهو يبين سبب رفضه لِقَتْلِ أخيه فقال كما في سورة المائدة : { لئن بسَطْتَ إليَّ يدَكَ لتقتلَني ما أنا بباسط يديَ إليك لأقتلَك إني أخاف اللهَ ربَّ العالمين } فقد رفض هابيل قتْل أخيه والسبب هو : { إني أخاف الله رب العالمين } ولم يقل له : أنا لن أقتلك خوفا من أبي ، لأن أباه كان هو السلطة عليه في ذلك الوقت ، بل قال : { إني أخاف الله رب العالمين } .


أما الأخ القاتل فقد ظلَّ حاملاً لجثة أخيه هارباً من أبيه ، ولأنه لم يفكر كما فكر الغراب في دفن أخيه أصبح من النادمين لأنه لم يتخلص من الجثة التي أراد إخفاءها على أبيه ، فهو لم يدفن أخاه إكراما لأخيه ، فلو كان يكرمه لاحْتَرَمَهُ حيًّا ، ولكن فكرة الدفن عنده كانت لأجل إخفاء الجثة عن أبيه ، وهذه صفة الذين لا يراقبون الله ولا يخافون منه ، وإنما يراقبون الناس فسيدهم الأول بعد إبليس هو قابيل .



 أيها الإخوة المؤمنون : وعندما نستعرض كذلك نوع التقوى الذي عندنا ؟

 لماذا يترك البعض السرقة ؟ 

هل لأنها حرام حرمها الله ، فهم يخافون من غَضَب الله عليهم ؟ أم لأنهم يخافون حراسة الناس لحقوقهم ، أو يخافون من الافتضاح بين الناس ؟



 لماذا الكثيرون ينتبهون على تربية أبنائهم ؟ 

قد يقول : يا بُني : لا تمش مع الذين يسرقون ، وانتبه تمش مع الذين سُمْعتهم سيئة بين الناس ، لأن الناس سيقولون : ابن فلان قد صار واحدا من السَرَق أو واحدا من أصحاب السمعة السيئة الممقوتة بين الناس ، أو غير ذلك من الأقاويل .


لا توجد في أذهان الكثيرين من الآباء بأنه سيُربِّي ولده على الصلاح حتى يكون هو وأولاده من أهل الجنة الذين قال الله فيهم  : { والذين آمنوا واتَّبَعَتْهُم ذريتُهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتَهم }  

وليس في أذهان الكثيرين من الآباء قول الله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسَكم وأهليكم ناراً وَقُودُها الناسُ والحجارة } .

وليس في أذهان الكثيرين قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في معجم الطبراني من حديث أبي بردة بن نِيار :(( أفضل كسب الرجل ولدُه )). 

وكذلك ليس في أذهان الكثيرين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث .. وذكر منها : (( أو ولدٍ صالحٍ يدعو له من بعد موته )) .


 أيها الإخوة الأعزاء : إن الذي يُربي أولاده على غير الصلاح ، ولا يَهُمُّه إن كانوا صالحين أو لا ،  فوالله لا فرق بينه وبين العقيم الذي ليس له أولاد ، لأن العقيم إذا مات ليس له ولد يدعو له من بعد موته ، وكذلك الذي معه أولاد ولكنهم ليسوا أولادا صالحين ، فلن يجد من يدعو له من بعد موته منهم، وهذه مشكلة وغُبن كبير أن يكون لك أولاد تَضرب بهم الآمال الطويلة وفي النهاية لا تجد منهم من يدعو لك من بعد موتك .


الله الله في تربية الأبناء على الصلاح حتى يكونوا ذخرا في الدنيا والآخرة ، ونستعين دائما على ذلك بالتضرع إلى الله عز وجل أن يجعل منهم ذرية طيبة صالحة إنه سميع الدعاء .



 أيها الإخوة المؤمنون : 

ومتابعة لفحص نوع التقوى الذي عند المؤمن وعند غير المؤمن ففي سورة مريم ذكر الله أن جبريل جاء إلى مريم بشكل إنسان فظنت أنه يريد الفاحشة معها فاستجارت بالله منه لو كان ممن يراقبون الله ويتقونه ، قال تعالى : { فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا } أي : جاءها بشكل إنسان ، { قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا } فإن كنتَ تقياً ، أي ممن يتقون الله ويخافونه فقد استعذتُ واستجرتُ بالله منك ، والمعنى أنه إن لم يكن من المتقين فلا حل معها إلا بالاستغاثة بالناس لأن غير المتقي يمتلئ قلبه خوفا من الناس لكون قلبه قد خلا من الخوف من الله فملأه الله خوفا من خلقه .



وهذه أمثلة ضربناها لنفحص نوع المراقبة التي في قلوبنا لأننا صرنا نراقب ويهمنا كلام الناس عنا ، وصرنا نخاف ملامة الناس ولسان حالنا : الناس ، الناس ، الناس ، حتى تفرغت قلوبنا من الخوف من لوم الله لنا وفي الحديث : ( من جعل الهموم هما واحدا هَمَّ المعاد كفاه الله هموم الدنيا والآخرة ) .( 2) .



إن المؤمن الحقيقي بالله عز وجل إذا دخل في قلبه خوف من الناس يتذكر أن الله مطلع على قلبه وهو خائف من غير خالقه فيمتلئ خجلا من الله .. كيف ينظر الله إلى قلبي وهو خائف من غيره وقد قال لي في كتابه الكريم :{ أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } وقال لي كذلك : { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين } .



ولو أن الواحد منا تعَوَّدَ على الخوف من الناس ومراقبتهم والعمل على إرضائهم من دون مبالاة بمراقبة الله ورضاه عنه ، واستمر على هذا الحال وتفاجأ بالموت ، فكيف سيكون حاله حين يلقى الله بقلب ممتلئٍ خوفا من الناس ؟ أو يلقى الله بقلب لا يهمه إلا رضا الناس عنه ، ماذا سيفعل له الناس ؟

فأحب محبوب لديه من الناس مَن سَيُشَيِّعُه إلى القبر ويمضي ، فمع من بقي ؟ { يوم لا تملك نفس لنفس شيئا } فمن الذي يملك لك كل شيء ؟ إنه الله { والأمر يومئذ لله } إنه الله الذي لم تحسب حسابه ، إنه الله الذي طالما خالفت أوامره ، إنه الله الذي طالما قصرت في حقه ، إنه الله الذي طالما أغضبته في سبيل إرضاء مخلوق ، أو في سبيل إرضاء شهوات نفسك الأمارة بالسوء .

لن يبقى لك إلا هو ، { كل مَن عليها فانٍ * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } .

نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .


وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات فاستغفروه من كل ذنب ثم توبوا إليه ، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة . 





 الخطبة الثانية 


الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

وصيتي لنفسي وإياكم يا عباد الله بتقوى الله وطاعته ، فاتقوا الله وخافوه راقبوه .

أما بعد :


فسنقف فيما تبقى من وقت مع تقوى الله لا تقوى خلقه .

 وكذلك ما نوع التقوى في إعطاء الحقوق ؟ 


فكثير هم أولئك الذين لو أن لهم أرحاما يسألونهم حقوقا ومواريث ، فهم يعطون الميراث هذا بناء على قوة المطالبين له أو ضعفهم ، فإن كانوا أقوياء أعطوهم لأنهم لا طاقة لهم بمقارعتهم ، و يخافون على أنفسهم الدخول في مشاكل معهم .

ولكن لو كان المطالبون لهذا الميراث وهذا الحق ضعفاء لا قدرة لهم على مواجهته والدخول في مشاكل معه فهو يستغل ضعفهم ويحرمهم من الميراث .

فصار سبب إعطاءه الحقوق أنه يتقي ويخاف المشاكل مع من يطالبونه ، أما لو كان له القدرة على طردهم من الحق الذي عنده فلا يعطيهم شيئا .

بهذا يُكتشف نوع التعامل عند هؤلاء فهم يعطون الحق الذي فرضه الله لا خوفا من الله ، بل خوفا من الناس إذا كانوا أقوياء .

وبقية هذا الموضوع سنتحدث عنه في خطبة آتية إن شاء الله .


 


اللهم اجعلنا مع مَن قلت فيهم : { رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه } واجعل غايتنا وهدفنا هو رضاك لا رضا خلقك يا رب العالمين .

اللهم اجعلنا نخشاك ، حتى كأننا نراك ، وأسعدنا بتقواك ، ولا تجعلنا ممن خالف أمرك وعصاك يا أرحم الراحمين .



هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما بقول الله عز وجل : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } .

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك  سيدنا ونبيِّنا وحبيبنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.


  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
ابراهيم

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق