القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح اسم الله الواسع ،تعبير متكامل

 

   شرح اسم الله 《 الواسع》

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الأمة محمد بن عبدالله الصادق الأمين اما بعد:

مازلنا في سعة ورحمة واطمئنان ونحن نعيش مع اسم الله الواسع المنان وتتجلى من خلال اسم الله الواسع وتدبر معناه آثار إيمانية في حياة الفرد, وتنعكس على إيمانه وعقيدته ومعاملاته وسلوكه, فلهذا الاسم آثار عديدة على عباده وجميع مخلوقاته، 



وما دام الله يعطي العبد ويوسع عليه ويحسن إليه، فعلى العبد أن يوسع على العباد، وأن يعطيَهم على قدر كرم الله تعالى له، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جوادا كريما، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر فمن وسع على عياله وأهل بيته  زاده الله من وسعه ،  ومن أنفق ماله في سبيل الله زكاةً كانت أم صدقة  ضاعف الله له الأجر من واسع كرمه ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )


فاستشعر عبد الله السعة في مالك وممتلكاتك ، لا تتصرف وكأنك في ضيق ، فمشاعر الشُح تجذب المزيد من الفقر وقلة البركة ، وسع على الآخرين قدر استطاعتك ، سهل الامور عليهم ، يسر الحلول امامهم ، بالمقابل ستجد السعة واليسر في حياتك


* ومن الآثار لهذا الاسم في حياة المؤمن سعة علم الله، فعلم الله أيضًا واسع، كما قال سبحانه: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) (طه: 98)

 وأنّ سعته -سبحانه- ليست كسعة خلقه؛ الذين يعتريهم الذهول والغفلة عن ممتلكاتهم، ولِسَعَة علم الله فإن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، لا من الجماد، ولا من الحيوان، ولا النبات، سواءً كان صغيرًا أو كبيرًا، ظاهرًا أو خفيًا وقد ضرب الله لنا الأمثال لنتعرف على سعة علمه تبارك وتعالى فقال: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لقمان: 27)

،وقال: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) (الكهف: 109)،


وقد أخبرنا ربنا عن سَعَة علمه في الآيتين السابقتين بمثلٍ ضربه كي يفقهه أولو الألباب، ضرب الله مثلاً لكلماته التي خلق بها الخلق، وأوجد بها الكون، بأن أشجار الأرض كلها لو تحولت إلى أقلام يكتب بها، وتحولت البحار إلى مداد، وفنيت بحار الأرض كلها، وجيء بقدر هذه البحار سبع مرات، لفني هذا كله، وبقيت كلمات الله لم تنفد وسبحان الله كلمة واحدة كن حلق السموات والارض واذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ولا تنفد كلمات الله

فيقين المؤمنِ بأن علم الله محيط بكل شيء ؛ فهو يعلم أحواله ، سرها ، وعلنها ، وهذا يحمله على التهيب من الإقدام والجرأة على حدود الله واقتحام حرماته حياء منه سبحانه ، فيحقق المراقبة لله سبحانه وتعالى وبدوام ذلك والمجاهدة عليه يترقى المؤمن من درجة الإيمان إلى مرتبة الإحسان وهي (أن تعبد الله كأنك تراه)


*ومن هذه الآثار: سعة جود الله وكرمه؛ أما سعة جود الله وكرمه وإحسانه وبسط نعمه فباب كبير، يلحظه العباد فيما يُنزله الله من السماء من ماء، وما تجري به الأنهار في جنبات الأرض، وما يخرجه الله من نبات وأشجار وثمار، وما تموج به البحار من خيرات مما لا يعلمه ولا يحصيه إلا رب العباد،                                                

فيزيد اتصال المؤمن بربه ويلجأ إليه ويسأله من فضله، وإن تأخر عليه فذلك لحكمة. وعند العبد يقين بأن الله لن ينساه، وأن خزائن جوده لا تنفد رغم كثرة الخلق وحاجاتهم، فيطمئن ويحسن الظن بربه. وفي الحديث القدسي قال الله: “يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ“رواه(مسلم)؛ والمقصود منه تحقيق عدم النقص وتأكيده، فكما أن المخيط إذا أدخل البحر ثم أخرج منه لم ينقص من ماء البحر شيئا، فكذلك: لو أعطى الله كل واحد من الجن والإنس مسألته لم ينقص ذلك مما عنده شيئا.

* وكذلك من الآثار لاسم الله الواسع عدم الاغترار بالعلم فالله وسع كل شيء علما فمهما بلغت من العلم، فهو قليــــل ..كما جاء في قصة موسى عليه السلام والخضر لما رَكِبا السفينة “.. فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْر” صحيح البخاري ،فلا تتكبَّر بعلمك ، وانظر إلى من هو أعلى منك علمًا، فتعلم قدرك الحقيقي.


*ومن علم أنه تعالى هو الواسع رحمة وعلمًا وقدرة، جمع بين الخشية والرجاء، فكان بالخوف والرجاء في عموم أوقاته وأحواله، فقد بيَّن الله ذلك في كثير من آياته؛ فرحمته وسعت كل شيء وهو شديد العقاب، وهو الغفور الرحيم .فيداوم على التوبة وعدم اليأس من رحمة الله وسعة مغفرته


*و من الآثار لاسم الله الواسع أنّ الله إذا وعد العبد شيئا من الأجور والثواب؛ كمضاعفته أجور الطاعات والعبادات والقربات من صلاة وصيام وذكر وقراء للقرآن وجهاد في سبيله، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، والصدقة والانفاق، ومحاسن الاخلاق وغير ذلك، فينبغي له أن لا يستبعد ذلك، فالله هو الواسع -سبحانه-.


*فحدث ولا حرج عن سعة رحمته وفضله بعباده في الآخرة, وقد سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل الجنة, فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟! فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا, فيقول: رضيت رب, فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله, فقال في الخامسة: رضيت رب, فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله, ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك, فيقول: رضيت رب, قال: رب فأعلاهم منزلة, قال: أولئك الذين أردت, غرست كرامتهم بيدي, وختمت عليها, فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر, قال: ومصداقه في كتاب الله -عز وجل-: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) (رواه مسلم).


*ومن هذه الآثار: لا ينبغي للمؤمن أن يُضيّق على العباد رحمة الله ومغفرته التي وسعت كل شيء؛ لأنّه لا يعلم بِمَ سيُختم لهم، والله عليم بذلك، وإلاّ وقع في شرّ التألّي عليه -سبحانه- روى مسلم عَنْ جُنْدَبٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- حَدَّثَ: “أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ! وَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ؟ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ“.


*  إذا عرفنا اسم  الله " الواسع " لا نتقاتل ، نتعاون ، التقاتل على الدنيا على النفط ، على مصادر المياه ، على القمح ، هناك معركة مناطق نفوذ ، وهناك معركة قمح وهناك معركة مياه ، وهناك معركة نفط ، وكل هذه المعارك غير مقدسة .


* ان تستشعر السعة في كل اختياراتك ،، فقط ابذل جهدك ووسع خياراتك في الحياة ، فالحياة ليست فقط ابيض او اسود ، معي او ضدي ، بل هي بكل ألوان الطيف ، استمتع بجميع الألوان وامتن واشكر لله الواسع.


– وسع وعيك بتنمية ذاتك وفهم نفسك ، لا تنحاز ولا تنقاد  خذ من كل انسان حكمته ، استمع للجميع لا تنغلق على أحد،لا تقدس كلام البشر ولا تفاسيرهم ولا علومهم وسع عقلك وتعلم من كل موقف وحدث ، خذ الخبرة واترك الألم من كل حدث مؤلم او مبهج.


*فالله الواسع وسع كل شيء علماً ووسع كل شيء رحمة  وخلق الكون في اتساع والحياة في توسع والوفرة في تمدد. (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)فالسعة وفرة وتوازن وراحة وسلام.


فلن تعرف الله الواسع ما دمت مغلق ومقيد العقل والفكر ولا تتلقى الا من مصدر واحد ، ولا تأخذ الا من معلم واحد.

لن تعرف الواسع ما دمت تضيق على نفسك وعلى الناس ، الضيق دليل الجهل ، السعة دليل العلم.


لن تعرف الله الواسع ما دمت لا توسع وعيك وادراكك لكل ما يحدث في حياتك ، ولا تستفيد من كل تجربة.


لن تعرف الله الواسع ما دمت يائسا محبطا من الحياة مسيء الظن بربك الواسع

لن تعرف الله الواسع ما دمت عاصيا مسرفا على نفسك جاهلا لسعة علم الله واحاطته بك

لن تعرف الله الواسع ما دمت تظلم غيرك ونفسك متناسيا سعة قدرة الله عليك


*ومن الآثار دعاء الله بهذا الاسم العظيم ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ومثله ما جاء في دعاء الجنازة، روى مسلم عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ )).

* من الآثار لاسم الله الواسع ان تؤمن بالسعة داخلك ، فالله قد خلق وعيك قابل للتوسع ، لأن فيك نفخة روح من الواسع اللامحدود واللانهائي.


كان هذافي شرح اسم الله الواسع وهذا مجرد اسم من اسماء الله الحسنى اللهم وسع علينا من النعيم مالانهاية له يارب العالمين

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
ابراهيم

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق