القائمة الرئيسية

الصفحات

اجمل ثلاث وصايا بعد شهر رمضان المبارك

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الأمة محمد بن عبدالله الصادق الأمين اما بعد: 

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم: ((مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: تَقْوَى الله وَحُسْنُ الْخُلُقِ)) رواه أحمد وصححه ابن حبان.

 

ومن نظر في هذا الحديث وجد أنه قد احتوى على ثلاث وصايا، وهذه الوصايا الثلاث كان يكثر العمل بها في رمضان؛ لخصوصية الشهر الكريم في قلوب المؤمنين؛ ولأن الصيام يجعل العبد أقرب إلى الطاعات، وأحسن أخلاقا في تعامله مع الناس. وهي وصايا عظيمةٌ جامعة لحقوق الله تعالى وحقوق عباده.

 اول وصية هي التقوى .

وأول هذه الوصايا الوصية بالتقوى ((اتق الله حيثما كنت)) وشهر رمضان هو شهر التقوى؛ لأن الصيام سبب لحصول التقوى كما في قول الله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .


فالذين صاموا رمضان واتقوا الله تعالى فيه حقيق بهم أن يستمروا على التقوى بعد رمضان، وأن يجاهدوا نفوسهم على تحقيقها، والله تعالى أهلٌ لأن يتقى في كل وقت؛ لأنه الملك الخالق الرازق المدبر، فلا يجلب نفع إلا منه، ولا يدفع ضر إلا به ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ .


وهو سبحانه الذي ثوابه لا أجزل منه، وعقابه لا أشد منه، مع علمه بخلقه وما يصدر منهم، وقدرته سبحانه عليهم، ومن كان هذا وصفه كان أحق بالتقوى من غيره، وكل تقوى لأحد تقصر دون تقواه عز وجل، فلا يليق بمؤمن أن يتقي ضرر الأقوياء من المخلوقين، ويقصر في تحقيق تقوى الخالق سبحانه وتعالى ﴿وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ﴾ .

 

والقرآن والسنة طافحان بالنصوص التي تأمر بالتقوى، وترغب فيها، وتحث عليها، وتبين ثوابها في الآخرة، فحري بمن ذاق حلاوة التقوى في شهر التقوى؛ فكف بصره عن الحرام، وحفظ سمعه من لغو الكلام، وأمسك لسانه عن القيل والقال، واجتهد في الطاعات، وجانب المحرمات أن يستمر على ذلك ويترقى في درجات التقوى حتى ينال منزلة الأولياء؛ إذ تحقيق التقوى يرفع العبد إلى أن يكون لله تعالى ولياً ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ﴾ .

ثاني وصية اتباع السيئة بحسنة .

والله تعالى قد علم ضعفنا وعجزنا وعجلتنا ففتح لنا أبواب الحسنات، وشرع لنا الكثير من المكفرات لنبادر بفعلها تكفيرا عن العصيان، ومحوا لآثار السيئات، وفي ثناء الله تعالى على المتقين قال سبحانه ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ . فذكر سبحانه من صفاتهم أنهم إن أخطئوا لم ينسوا الله عز وجل وعظمته فبادروا إلى محو أثر الذنب بالاستغفار وعدم الإصرار على المعصية.

 

وعلى العاصي أن يكثر من الطاعات فإنها تزيل أثر السيئة في القلب؛ فإن التجربة قد دلت على أن العبد إذا أكثر من الطاعات ضعف في قلبه داعي العصيان، وتمكنت منه الرغبة في الله تعالى وفيما أعد من الكرامة لأوليائه المتقين.

 

كما أن إتباع المعصية بطاعة يجعل في صحيفة العبد حسنات تقابل السيئات التي قارفها، وأعمال العباد توزن يوم القيامة، فليحذر أن تكون سيئاته أكثر من حسناته ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ 

. قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: ((إذا أسأت سيئة في سريرة فأحسن حسنة في سريرة، وإذا أسأت سيئة في علانية فأحسن حسنة في علانية، لكي تكون هذه بهذه)).

 

وسُئِلَ الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن رجلٍ اكتسب مالاً من شبهةٍ: صلاتُه وتسبيحُهُ يَحُطُّ عنه شيئاً من ذلك؟ فقالَ: إنْ صلَّى وسبَّح يريد به ذَلِكَ، فأرجو، قالَ الله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ 

ثالث وصية هي حسن الخلق

 والإنسان في حياته الدنيا يعامل الخلق كثيرا من قرب منهم كوالديه وأهله وولده، ومن بعد منهم من سائر الناس، فالتوجيه النبوي أن يعاملهم بالحسنى؛ فيحلم عن جاهلهم، ويصبر على مسيئهم ((وخالق الناس بخلق حسن)) فهي قاعدة عامة في حسن الخلق مع الناس أجمعين.

وفي رمضان كان الصائم يلجم نفسه عن الغضب، ويحبس لسانه عن الجهل، ويقابل من شاتمه بقوله ((إني صائم))؛ لعلمه أنه في عبادة فلا يريد تخريقها؛ ولذا جاء في الحديث أن الصوم جنة، أي وقاية يحمي العبد من الوقوع في الإثم

فمن تعلم في رمضان كظم الغيظ، وتسكين الغضب، ومقابلة الجهل بالحلم، والإساءة بالإحسان، وكانت السماحة والعفو وحسن الخلق ديدنه فحري به أن يستمر على ذلك بعد رمضان؛ طلبا لرضا الله تعالى، حتى يتصف بحسن الخلق؛ فإنما الحلم بالتحلم. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ((حُسنُ الخلق أنْ تحتملَ ما يكونُ من الناس)).

 

وفي حسن الخلق من الأجر والثواب ما لا يخطر على بال كثير من الناس؛ ففي حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ)) رواه أبو داود، وفي حديث أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من شيء أثقل في الْمِيزَانِ من خُلُقٍ حَسَنٍ)) رواه أحمد.

 

فمن حافظ على هذه الوصايا الثلاث فقد أفلح وفاز، وكسب رضا الله تعالى ومحبته وولايته، ومحبة خلقه.

 هذه هي الوصايا الثلاث بعد شهر رمضان المبارك اللهم تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
ابراهيم

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق